تعرف الفلسفه الوضعية أو النظريه الوضعية بأنها قسم من أقسام نظرية المعرفة، وهي تستند على أنّ المعرفة الحقيقية هي المعرفة والبيانات المستنتجه من التجربة الحسية والمعالجات المنطقية والرياضية لها، وفي العموم تعد النظرية الوضعية من أبرز النظريات الحديثة التي أنشأت لعلم الاجتماع، وهي بالأصل نظرية فلسفية قامت كرد فعل على النظريات الميتافيزيقية، وبناءً عليها استقل علم الاجتماع، وأصبح علمًا مستقلًا، يقوم على أسس منهجية محددة، تعتمد على الملاحظة والتجربة، وماهية النظرية الوضعية تقوم على الأسس التالية:

مناهضة اللاهوت والميتافيز

بقي من المعروف في تاريخ الفلسفة أن الميتافيزيقا تشكل أساس البحث الفلسفي، وأساسها الأفكار التي تؤسس للوجود، وتندرج ضمن مبحث الأنطولوجيا، فأسست الفلسفة الوضعية في العصر الحديث للتأكيد على أن المنهجية المتبعة في علم الاجتماع و السياسة والفلسفه الوضعية  لا تستند إلى مقولات ميتافيزيقية ولاهوتية، وكل ما لا يخضع للمنهج العلمي، لا يمكن عن طريق التأسيس للمعرفة العلمية.

الاستناد إلى المنهج العلمي

يعتمد المنهج العلمي  على الملاحظة والتجربة كمقولات رئيسية ، فالعلم هو المعرفة المنظمة التي لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق  الحواس، وتجدر الإشارة إلى الصراع الذي دار بين الفلاسفة في العصر الحديث، وباعتبار الفلسفة الوضعية إبستمولوجيا الفلسفة المعاصرة فإن الفلسفة الحديثة انقسمت إلى تيارين أساسيين ، وهما كالآتي:

• التيار التجريبي

يعتبر جون لوك من رواده، فقد أقر بعدم وجود أي معرفة قبلية، فالعقل بالنسبة لجون لوك كالصفحة البيضاء، والمعرفة تتشكل لاحقًا، وهاجم لوك نظرية الأفكار الفطرية عند ديكارت، أو نظرية المثل عند أفلاطون، ويقع تقارب شديد بين الفلسفة الوضعية والتيار التجريبي، فكلتا الفلسفتين تتميز بطابع علمي يستند إلى العالم المادي والتفاعل الحاصل معه، وكلتاهما انتقدهما التفكير الميتافيزيقي.

• التيار العقلاني

وهو التيار المناهض للتيار التجريبي، أنشأئة الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت، واعتمد فيه على العقل كمصدر أساسي للمعرفة، وتوصل عن طريق  الفكر والحدس إلى الكوجيتو الذي أثبت عن طريق  وجود ذات تفكر، والكوجيتو هو "أنا أفكر إذن أنا موجود"، وبالكوجيتو تأسست الذات في الخطاب الفلسفي الحداثي، إلا أن الوضعيين لم يأخذوا بالأفكار التي جاء بها الفلاسفة الميتافيزيقيون.

أوغست كونت (Auguste Comte)

أوغست كونت هو مؤسس النظرية الوضعية، ولد في عام 1798 في فرنسا، وترجع أصوله إلى أسرة كاثوليكية، اهتم في البداية بالفلسفة الكلاسيكية، ودرس مونتسكيو ولابلاس، وفي أواخر عمره صاغ النظرية الوضعية بشكلها النهائي وتوصل إلى قانون الحالات ال 3 التي مرت بها البشرية،